... يوسف ادريس:المرتبة المقعرة | مدونة عالم المعرفة
Subscribe via RSS
| ]

في ليلة 'الدخلة' و'المرتبة' جديدة وعالية ومنفوشة، رقد فوقها بجسده الفارع الضخم، واستراح إلي
نعومتها وفخامتها، وقال لزوجته التي كانت واقفة إذ ذاك بجوار النافذة .
انظري.. هل تغيرت الدنيا؟
ونظرت الزوجة من النافذة ثم قالت :
لا.. لم تتغير .
فلأنم يوما إذن .
ونام أسبوعا، وحين صحا كان جسده قد غور قليلا في المرتبة .
فرمق زوجته وقال
:
انظري.. هل تغيرت الدنيا؟
فنظرت الزوجة من النافذة ثم قالت :
لا.. لم تتغير .
فلأنم أسبوعا إذن .
ونام عاما، وحين صحا كانت الحفرة التي حفرها جسده في المرتبة قد عمقت أكثر، فقال لزوجته :
انظري.. هل تغيرت الدنيا؟
فنظرت الزوجة من النافذة ثم قالت :
لا.. لم تتغير .
فلأنم شهرا إذن .
ونام خمس سنوات، وحين صحا كان جسده قد غور في المرتبة أكثر، وقال كالعادة لزوجته :
انظري.. هل تغيرت الدنيا؟
فنظرت الزوجة من النافذة ثم قالت :
لا.. لم تتغير .
فلأنم عاما إذن .
ونام عشرة أعوام، كانت المرتبة قد صنعت لجسده أخدودا عميقا، وكان قد مات وسحبوا الملاءة فوقه
فاستوي سطحها بلا أي انبعاج، وحملوه بالمرتبة التي تحولت إلي لحد وألقوه من النافذة إلي أرض الشارع
الصلبة .
حينذاك وبعد أن شاهدت سقوط المرتبة اللحد حتي مستقرها الأخير، نظرت الزوجة من النافذة وأدارت
بصرها في الفضاء وقالت :يا إلهي! لقد تغيرت الدينا.