... لحظه فراق | مدونة عالم المعرفة
Subscribe via RSS
| ]

كان يوم شاق حقا فهذا يوم النوباتشيه  يوم ملئ بالمرضى والطوارئ والمعاناة من الصباح حتى المساء وما ذاد على ذلك سيارتي التي لم يكتمل إصلاحها بعد فلا مفر من مزيد من الإرهاق مع المواصلات العامة ،وصلت بحمد الله إلى الموقف وجلست في السيارة، و بينما كنت  انتظر حتى تكتمل الصفوف وتغادر السيارة اقترب شاب وبيده طفل في الخامسة من عمرة وبصحبتهما رجل مسن ،جلس الشاب وابنه في الكرسي الامامى و لم ينضم إليهم ذلك الشيخ بل ظل يراقبهم عن قرب وبينما كانت السيارة تغادر اخرج الطفل يده من النافذة ملوح لذلك الشيخ المسن وكأنه يودعه، لقد اجتزبتنى هذه اللحظة رغم ما أنا فيه من إرهاق ومع إنها شيء عادى نشاهده دائما  إلا أنى لا أنكر أنها سيطرت على جوارحي ووجداني فلا استطيع أن انسي نظرات ذلك الصبي المليئة بالبراءة،كانت ملامح الطفل في هذه اللحظة ذو الوجه البشوش المبتسم أشبه بالماء الصافي الذي لم يعكر صفوه شائبة فهو لا يزال يحتفظ بفطرته و سذاجته لأنه لم ينضم بعد إلى صراعات الحياة ليكتسب منها ما يعكر صفوه ويقبض عضلات وجهة لتتخذ ذلك الوجه العبوس القمطرير أو ذلك الوجه الحاقد اللئيم ،هل يأتي اليوم الذي أجد فيه حلمي يتحقق ويصبح البشر أطفال في معاملاتهم حكماء في أعمالهم......أتمنى ذلك.
    دارت كل هذا في خلدي وأنا مسترخي ومتكأ بظهري فلا يزال الطريق طويل و امامى الكثير من الوقت فانا متعب بعد يوم طويل من العمل الشاق سواء في العيادات أو الاستقبال  كنت شارد الذهن أفكر في ذلك وأخذت اتسائل إذا كانت الحياة تستحق من بنو ادم أن يفعلوا في بعضهم ما لا يرضوه لأنفسهم وبينما أنا كذلك فوجئت بوصول السيارة  إلى المبتغى ، ولم أكد أطأ الأرض بقدمي حتى شاهدت ذلك المشهد المتناقض مع سابقه رأيت طفل أخر في نفس عمر ذلك الطفل تقريبا ملامحه -لم تكن ملامح طفل – وذلك من كثرة الشر الذي اكتسبه رغم صغر سنه لتتخذ ملامحه ذلك الوجهة البعيد كل البعد عن الطفولة بما تحمله من أجمل معاني الإنسانية يقوم بقذف قرينه بالحجارة ،أصبت في هذه اللحظة بحالة من التوهان جراء ذلك التناقض ولكن المسئول عن هذا ليس الطفل بل والديه ومجتمعة الواجب عليهم بلا شك احتواء الطفل وتعليمه المبادئ حتى يكون شاب قادر على تحمل مسؤولية وطنه ،وما دفعني لذلك أن الطفل الأول كان بصحبة أهله بينما الثاني وحيدا ،وأثناء كل هذه الخواطر فقدت حلمي مع أخر حجر ألقاه ذلك الطفل وقد كان من نصيبي  لأجد نفسي لم أصل بعد.